ياقريتي يا مأوى أحبابي .... ومرتع الصبا مع أترابي
يسوقني لأحضانك شوقا ... كدسته سنــيـن اغــتـرابي
وفي قلبي لروابيك عشقا ... يبـــلغ إلـى حــد التـصابـي
لأن المراحل التي فرقتنا ... أمعــنت في تلويـن عذابـي
فقد قضيت شطر طفولتي... بين هذي المرادع والسباب (1 )
ما نسيت علبة الوادي ولا ...مخلف الكبة ونخلة الشغابي
وإن غبت عن محياك زمانا ...لاهثا وراء أحلام الشباب
إلا أني أحن إليك ارتجاعا...رغم تعدد الظروف والأسباب
فلا تسمعي الوشايات عني ... وكــل ما يقال في غــيابي
أني تناسيت انتمائي إليك .. ولهثت وراء زيفي وسرابي
فقطعت معاك حبال الوصال .. ثم أغلـقت دونـك أبوابي
وغرتني المدائن وما تزخر بها .. من زخرفات البناء والقباب
فلست من الجاحدين لفضلك .. وما كـان ذاك فـي حسابي
لك عندي أجمل الذكريات .. مخبأة ما بين عيني وأهدابي
وشذى أنفاسك ما زال عبقه .. مسكـون في جلدي وثيابي
فيك الجمال كألوان الطيوف ..مطرزة في الفاتنات الكعاب
الناهبات من الأقمار ضوءها..الجانبات من العسل الرضاب
تحيفات القوام على اعتدال .. وصدور يسيل لمنظرها اللعاب
طبيعيات الحلا بدون تكلف .. عفويات السجايا بلا ارتياب
رغم تغليفهن بتقليع كئيب ... مــتــمـثـل في سـواد الـــنقاب
أنت في القلب حاضرة وغائية .. أهفو إليك وقد طار غرابي ( 2 )
فقد سئمت المدائن وما بها .. من عوامل الإقلاق والإضطراب
أشتهي لعاس من الغرب المنضد .. لفتة دخن وحقين وجباب
لقرقعة قرطبح بقطين الحجرين .. للبلح الذابل لنكهة الشوابي
مشتاقا إلى تنضيح حولي .. وتزجيد سومي وتضريب علابي
فيا حنيني إلى تفقيح زرعي .. وإلى تفقيش بــجـمة العــكابي
إلى نسمة الصبح في مبكر .. والعناصر تشدو على الأثابي
والعجاري والجوالب تتنادى .. فـــرحانة بــموسم الصراب
لغشقة مطر على صدور الضياح .. لانسياب السيول من الهضاب
كم يشجيني هسيس المغيب .. وصوت الزرير تحت كزرابي
ونقيق الضفادع بعد إمطار .. وارتعاش القشاوش فوق محطابي
فإن كان مبتدأ العمر ذهابي .. فمــختتمه لا شــك في إيــابي
. ---------------------
(1 ) مفردها سبة وهي قطعة أرض أكبر من الحول .
( 2 ) طار غرابي : ذهب سواد شعري .