أقلام خاسرة
- عندما ينطق القلم فإنه وبلا شك يزيل ما رسم في الأذهان تجاه أي اسم ويعطي للقارئ الانطباع الحقيقي عن شخصية من كتب فيحترم أقواما وتزول صور المهابة التي قد ترسم للوهلة الأولى لآخرين بعد أن تكشف الأقلام مقادير الرجال .
- وهنا تأتي براعة الأشخاص في اختيار الصورة التي يحبون أن يظهروا بها أمام إخوانهم الذين يعتقدون أن الإناء لا ينضح إلا بما فيه وهل يسقط الكثير من الكتاب من نظر الآخرين إلا حصائد أقلامهم .
- لكن هناك من لا يأبه بما يقال عن أمانة القلم فيجعل قلمه حربا على إخوانه مستغلا ثقافته الواسعة في الكلمات التي تجرح الآخرين ويظن أن الجميع ينظر اليه بإعجاب وحذر حتى لا يتأذون مما قد ينبعث من نفايات كلامه المسموم .
- وآخرون يهدمون كل ما يحاول الناس بنائه ويضعون أصابعهم في أعينهم ومن ثم يلومون الآخرين لأن النور الذي يراه الجميع لم يصلهم.
- وآخرون بلغ إعجابهم بآرائهم مدا يجعلهم لا يقيمون لرأي الآخرين قيمة بل إنهم يتعاملون مع الآخرين وفق قاعدة من لم يتفق معي فهو ضدي ومن وقف ضدي فهو على خطأ .
- وأما آخر الأنواع التي سأتحدث عنها فهم من يجيدون تمثل أدوار الذباب فنجدهم يتهافتون للوقوع على كل قبيح ظنا منهم أنهم بهذا إنما يقطعون طريقا نحو الشهرة حينما يرون أيدي الآخرين تشير إليهم غير مدركين أنها قد رفعت للتحذير من شرهم .
- فهذه النماذج وغيرها هي لأقلام خاسرة خسرت مصداقيتها وأمانتها وخسرت احترام الآخرين ناهيك عن ما قد يصيبها من سوء ما سودت به صحائفها .
وما من كاتب الا سيفنى ... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب يمينك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه