قرية مائلة - دبع الداخل |
|
| رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
محجوب عبد الدائم الدبعي عضو نشط
عدد الرسائل : 69 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 مقدار الإعجاب : 0 نقاط التميز : -1
| موضوع: رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة الإثنين فبراير 25, 2008 7:49 am | |
| قراءة جديدة لتاريخ الفلسفة والتغير الفكري والاجتماعي
د . نوال السعداوى
ورقة للمؤتمر الدولي السادس للجمعية الفلسفية الأردنية عمان، الأردن، 19 - 20 أغسطس 2006 لم أدهش حين جاءتني هذه الدعوة لأتحدث في الفلسفة وأنا لست متخصصة في هذا الفرع من المعرفة, الذي تصوره بعض الفلاسفة رياضة ذهنية داخل الرأس داخل الكتب والنظريات المجردة, بعيدا عن حركة الحياة الحية المتغيرة على الدوام, الا أن البعض الآخر لم يفصل بين الفلسفة وبين حركة الحياة اليومية السياسية والاجتماعية العامة والخاصة, والعلوم منها الطب والفيزياء والرياضيات وعلم النفس والتاريخ والدين وغيرها.
يلعب التخصص في كثير من الأحيان دورا في فصل الفلسفة عن العلوم الأخرى ذلك أن نظم التعليم منذ تأثيم المعرفة (في كتاب العهد القديم) لم يكن هدفها المعرفة بل عدم المعرفة, أو تغييب العقل من أجل الطاعة العمياء لصاحب السلطة المطلقة في الدولة والعائلة وفى السماء وفى الأرض.
منذ الطفولة (مثل كل الأطفال) كنت أشعر بلذة حين أفكر, تزيد أحيانا عن لذة الأكل بعد جوع أو شرب الماء بعد العطش . راودتنى أسئلة تراود الأطفال جميعا من نوع: من خلق النجوم فى السماء؟ ويكون الرد: ربنا، ويأتي السؤال الطبيعي من الطفلة أو الطفل: ومن خلق ربنا؟
كلمة ربنا " الله" تحير الأطفال كما تحير الفلاسفة, وأحيانا يعمل عقل الأطفال بجرأة أكثر من الفلاسفة في الخوض فيما أطلق عليها المحرمات أو المقدسات, لأن الفلاسفة يدركون مخاطر السجن والنفى إن تعرضوا للسلطة الحاكمة سياسيا ودينيا, لكن الأطفال لا يعرفون هذا الخطر الا بعد التربية والتعلم في المدارس والبيوت.
كان معنى هذه الكلمة " الله " يتغير بتغير الأشخاص من حولي. بعضهم مثل جدتي الفلاحة تقول بلغتها العامية : ربنا هو العدل عرفوه بالعقل والبعض الآخر مثل عمى الشيخ الأستاذ بالأزهر يقول أن عقل الإنسان يعجز عن معرفة الله أو إدراك حكمته حين خلق الظلم أو الشر. الا أن عقلي الطفولى لم يكن يقبل الظلم أبدا وقد وقع أول ظلم على في حياتي من أبى حين رأيته يفضل أخي على لمجرد أنه ولد وليس بنتا , رغم أنني أتفوق على أخي في المدرسة وفى الفهم, أي في الذكاء وسألت لماذا هذا الظلم؟
وعرفت من المدرس في المدرسة أن الله مذكر وليس مؤنث, حسب قواعد اللغة وأن القرآن كتاب الله يخاطب الذكور فقط, وأن الذكر له حظ الأنثيين. وشطب المدرس على اسم أمي الذي كتبته على كراسة المدرسة مع اسم أبى , وقال لي غاضبا: اسم الأب فقط هو الذي تكتبيه مع اسم !وحزنت يومها بسبب الظلم الواقع على أمي التي كانت ترعاني أكثر من أبى.
وكنت أرى الظلم منتشرا من حولي في حياة الفلاحات والفلاحين الفقراء في عائلتي وقريتي الحزينة الراقدة في حضن النيل وسط الدلتا وسألت من أين يأتي الفقر؟ وجاءني الرد: الله يخلق الغنى والفقير, الله يعطى من يشاء بغير حساب, الأرزاق من عند الله .......الخ
ولم يقبل عقلي الطفولى أبدا هذا الظلم المنسوب إلى الله, لأن الله هو العدل الذي عرفوه بالعقل كما قالت جدتي, ولم يكف عقلي منذ الطفولة عن التساؤل كيف يمكن أن يكون ربنا ظالما للفقراء وللنساء ومنهم أنا وأمي وأخواتي البنات؟ وهو سؤال يراود كل الأطفال بالذكاء الفطري .
الوحدة التي انقسمت في الطفولة: يعيش الأطفال الوحدة الطبيعية بين الجسم والعقل والروح والكون والناس من حولهم مثل طبيعة الحياة الأولى في الحضارات الإنسانية القديمة. قبل نشوء العبودية لم تكن طفولة المجتمعات الإنسانية همجية قائمة على الحرب والقتل والاغتصاب كما تصورها أغلب المؤرخين. الحضارات القديمة في مصر وبابل وفارس والهند والصين وغيرها, كانت الفلسفة فيها قائمة على هذه الوحدة: وحدة الوجود بكل ما فيه من كائنات حية منها الإنسان.
لم يكن الإنسان هو الرجل فقط بل الرجل والمرأة, والآلهة أيضا كانت إناثا وذكورا، قوة الطبيعة الكبرى هي الآلهة الأم. حدث الانقسام مع التطور الاجتماعي والسياسي الذي أرسى الفلسفة العبودية، التي قسمت الكون إلى أرض وسماء, والإنسان إلى جسد وروح والمجتمع إلى أسياد وعبيد, واندرجت النساء مع العبيد حدث ذلك التغير تدريجيا مع تغير المجتمع من نظام أمومي إلى نظام أبوي.
في مصر القديمة مثلا لم تفقد الأم مكانتها في الحياة الدينية أو السياسية كما حدث بعد استقرار النظام الأبوي , وأصبح اله سماوي واحد هو الأب الذكر للبشرية جمعاء , ونتج عن ذلك أن أصبح آدم هو أصل البشر. وحمل الناس اسم بنى آدم فقط وليس بنى وبنات حواء وأدم. ظهر اسم حواء في كتاب العهد القديم كسبب الخطيئة والشر والعصيان، لأنها مدت يدها (عقلها) إلى شجرة المعرفة.
وفى القرآن لم يرد اسم حواء على الإطلاق الا كزوجة لآدم وهما الاثنان أكلا ( بالمثنى) من الشجرة (لم يرد اسم الشجرة( لكن آدم (وحده بالمفرد) تلقى كلمات من ربه فتاب عنه وعلم الله آدم الأسماء (بالمفرد(.
منذ نشوء النظام العبودى تغيرت الفلسفة واللغة والدين والسياسة والأخلاق لتصبح الذكورة هي الأصل, وبدأ نظام جديد قائم على تقسيم العمل على أساس النوع , الجنس, فرض على المرأة الأعمال الجسدية (والعبيد (باعتبار أنها جسد بلا عقل, وأصبح العمل الفكري (الفلسفة) يخص الرجال فقط من الطبقات العليا.
في مصر القديمة كانت "نوت" هي آلهة السماء وزوجها "جيب" هو اله الأرض وكانت البنت ترث الأم على العرش: الأم الابنة الأب (الثالوث القديم) بتغير المجتمع وفى فترة الانتقال التدريجي تصاعد الأب من اله الأرض إلى اله السماء وهبطت الأم لتصبح آلهة الأرض والخصوبة والولادة وتغير الثالوث إلى: الأب لابن الروح القدس, ترمز لروح القدس إلى الأم التي فقدت اسمها وأصبحت تنسب إلى الرجل زوجها أو ابنها الذكر
كانت الفلسفة الطبيعية الأمومية الأولى تقوم على الوحدة الكلية للحياة وعلى التعاون والعدالة والرحمة والمحبة مع انقسام المجتمع العبودى بدأت فلسفة القوة وسيطرة الأب الإله الحاكم الذي يستمد سلطانه من قداسة الألوهية وليس من العدل والرحمة .
وقد قاومت نوت آلهة السماء هذه الفلسفة, ومن وصيتها إلى ابنتها ازيس تقول: لا أوصى ابنتي التي ستلي العرش من بعدى أن تكون آلهة لشعبها تستمد سلطتها من قداسة الألوهية بل أوصيها أن تكون حاكمة رحيمة عادلة "( مصر القديمة 4988 قبل الميلاد) كانت فلسفة العدل والرحمة لا تزال تقاوم فلسفة القوة الصاعدة القائمة على الأموال والسلطة المطلقة للذكور في الدولة والبيت
ومن فلاسفة العدل والرحمة كان " بتاح - حتب " المصري الذي كتب يقو :عش في بيت المودة واملأ قلبك بالرحمة أثمن من امتلاء خزائنك بالذهب . وكانت ازيس ترمز إلى الحكمة وأختها معات ترمز إلى العدل. كانت ازيس آلهة الحياة والنور (المعرفة) ترسم بقرص الشمس فوق رأسها الا انه مع تغير النظام إلى السلطة الأبوية المطلقة أصبح أوزوريس زوج ازيس هو صاحب الحكمة, وابنه حورس الذكر هو وريث العرش وليس الابنة التى كانت ترث العرش عن الأم , اعادة قراءة التاريخ تكشف القناع عن هذه الحقائق التى سادت فى تلك الأزمنة البعيدة مع تقدم علم الآثار الجديد , واتضح أن كلمة فلسفة : تعنى فى أصلها اللغوى : " المحب لصوفى" , وهى الفيلسوفة القديمة التى أهملها التاريخ الطبقى الأبوى , كما أهمل غيرها من صاحبات الفكر والفلسفة الفيلسوفة المصرية اليونانية " هيباثيا " التى قتلت فى مصر ( الاسكندرية ) لأنها فكرت وتمردت ضد الظلم السا ئد تحت اسم الدين .
فى مصر القديمة بدأت الفلسفة العبودية التى قامت على الأب أبو الانسانية جمعاء الذى يرثه ابنه , أصبح أزوريس الاله السماوى الذى يصارع الخير والشر ومن بعده ابنه حورس الذى حارب اله الشر سيت الذى قتل أخاه أوزوريس , ربما كان " أبوور " أول فيلسوف اجتماعى فى مصر القديمة الذى قاوم الفكر العبودى الدينى وكان دائم البحث عن الاله السماوى دون جدوى , وتنبأ بالمهدى المنتظر الذى يخلص الشعب المصرى من الظلم وقهر الفراعنة , وتعرض لكتاب طيبة عن الموتى الذى كان أشب | |
| | | محجوب عبد الدائم الدبعي عضو نشط
عدد الرسائل : 69 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 مقدار الإعجاب : 0 نقاط التميز : -1
| موضوع: رد: رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة الإثنين فبراير 25, 2008 7:50 am | |
| المصرى من الظلم وقهر الفراعنة , وتعرض لكتاب طيبة عن الموتى الذى كان أشبه بالكتاب المقدس وأسا س الحكم الفرعونى المستبد كانت أرواح الموتى يوم الحشر ( القيامة ) تقرأ كتاب الموتى هذا , الذى هو اقرار منهم انهم لم يخالفوا وصايا الاله فرعون الحاكم فى السماء والأرض , يقول الميت ما يلى : لك المجد أيها الاله العظيم , اله الحق والعدل , أنا لم أرتكب معصية أو منكرا يغضبك لم أغش فى مكيا ل أو ميزان , أنا طاهر طاهر .... ,
تأثر اخناتون ونفرتيتى بكتاب طيبة عن الموتى , لكنهما لم يأخذا منه الا الأمانة فى التعامل مع الناس , وتركا الجزء الاستبدادى الأبوى , ربما لأنهما كانا يعملان معا تحت ارشاد الأم " تى " أم اخناتون , بدأ اخناتون ونفرتيتى( وتى الأم ) ثورة سياسية ودينية وأخلاقية واجتماعية فى مصر من أجل اعا دة قيم العدالة والرحمة والوحدة الانسانية القديمة جاءت صور اخناتون بجسم يشبه الأنثى أكثر من الذكر , ورسم على شكل اله واحد انسانى عاد ل تطل سماؤه من فوق جسم الأرض حانية مثل الأم , وتطل شمسه وضياؤه على الظلام بنور الحق والمعرفة, وهى الصورة السابقة لأزيس , التى كانت تحمل قرص الشمس فوق رأسها وتنشر نور الحكمة والمعرفة على الجميع , دون تفرقة , لم يكن تعدد الآلهه الاناث والذكور سببا فى أن تحجب الشمس ضوءها أو تفرق بين البشر وكلهم عندها سواسية .
كانت أناشيد ازيس واوزوريس ونفرتيتى واخناتون( وأمه تى) تتجه الى الهة السماء والحكمة .ومن أناشيد مصر القديمة فى عصر ازيس : يا ازيس يا مصدر النور والضياء يا خالقة الزرع فى الارض يا من تخرج الحياة من رحمها كما يخرج جنين الطير من بيضته أنت أم كل شىء حى أنت حياة العالم أنت الأم الكبرى للكون
تغير هذا النشيد مع تغير المجتمع المصرى الى النظام الطبقى الأبوى اختفت جهود الأم تى والزوجة نفرتيتى وأصبح اخناتون وحده صاحب الفلسفة والمعرفة والأناشيد أخذ موسى نبى الشعب اليهودى بعض أناشيد اخناتون وجعلها أساس فلسفته اليهودية وأخذ اسم حواء من الحياة باعتبارها أم كل شىء حى كما جاء فى كتاب موسى ( التوراه ) ثم هوى بها الى الخطيئة حتى لا تنافس الاله الجديد الأب.
فكرة الإله السماوي الواحد أخذها موسى عن اخناتون من أقوا ل اخناتون : فى مصر يكون النيل تحت أبصار الجميع , لكن هناك نيل آخر فى السماء من الماء الحى لجميع الغرباء فى الأقطار الأخرى .وقال اخناتون أيضا : انه على ضفتى نهر الحياة فى السماء توجد قصور يسكن فيها الله لأن قلب الانسان هو مسكنه .وأمر اخناتون بتحطيم تماثيل جميع الآلهه السابقة عليه وأغلق معابدها , وهجر مدينة طيبة الملكية ( لأنها ظالمة ونجسة ) وبنى عاصمة جديدة لمصر أطلق عليها اسم مدينة الله .
اليس هذا هو التغيير السياسي وما يحدث دائما حين يأتي نبي جديد أو ملك أو رئيس دولة بأفكار جديدة ؟ لكن الصراع دب بين الملك الجديد وكهنة الملوك السابقة وهزم اخناتون ونفرتيتى شر هزيمة وهدم الحكام الجدد تماثيلهما, ومحو كل آثارهما .
في فارس
ورث زرادشت الصراع بين الجسد والروح وبين الخير والشر قبل زرادشت كان " بيما " الذى انشغل بتفسير كلمة الله أصبحت البداية هى " كلمة" تحولت الفلسفة الى كلمات وطقوس تقدس الكلمة ( الاسم ) انفصلت الفلسفة عن السياسة والحركات الاجتماعية المناهضة للعبودية كان ملك الملوك فى فارس ظالما مستبدا مثل فرعون مصر, له عيونه من الكهنة والجواسيس للكشف عن نوايا العبيد فى قلوبهم الخفية قتل الملك بسهمه شابا سقط قتيلا على الفور ثم سأ ل والد الشاب المسكين عن رأيه فركع العبد على الأرض ساجدا ممرغا جبينه فى التراب بين قدمى الملك وقا ل : حكمتك يا رب يا ملك الملوك التى لا تعلوها حكمة ورمايتك السديدة التى لا تعلوها رماية ! وكان الملك ينوى قتله أيضا لأنه أنجب ولدا عاصيا لكنه عفا عنه لأنه عبد مؤمن.
كان الاتهام بالكفر أو عدم الايمان بحكمة " الاله الملك" عقابها الموت وهى تهمة سادت منذ العبودية وحتى اليوم فى بلاد متعددة شرقا وغربا وقد لعبت هذه التهمة دورا على مدى العصور فى فصل الفلسفة عن الدين عن الحياة ,وتجميد الفكر الفلسفى القديم والمعاصر الحديث داخل قوالب تكرر نفسها عصرا بعد عصر , وتجدد ايمانها بالدين السائد فى ذلك المجتمع , الذى هو دين الدولة , ينص عليه الدستور , وان لم ينص عليه الدستور , أو ان تم الفصل بين الدين والدولة , الا أن تهمة الكفر أو الالحاد أو التمرد على السلطة , ظلت تفزع الفلاسفة والعلماء فى كل عصر حتى عصرنا هذا
الرعاية الأمومية والفلسفة
انتشرت المعجزات الالهية التى تسبق مولد النبى أو الفيلسوف أو الزعيم الروحى فى فارس مثلا شاعت أساطير عن مولد زرادشت وقالوا : "ان اله النور استمع الى شكاوى شعبه المظلومين فأرسل اليهم رسولا رجلا قويا يكون خلاصهم من الظلم على يديه " وايضا هذه الاسطورة : دخل زرادشت جسد أمه ( تلاحم عقل الابن بجسد الأم )وكانت سيدة من الاِشراف تظهر له على هيئة وميض من البرق واستمد من أمه رسالته فى الحياة , أن يجلب النور لأبناء الظلام "
تكررت هذه الأسطورة فى حياة أغلب الأنبياء , فالأم المرأة هى التى تهدى ابنها النبى الى المعرفة أغلب الأنبياء والفلاسفة لم يكن لهم أب , أو لم نسمع شيئا عن أبائهم , وكانت الأم هى التى أخذوا عنها المعرفة وهى التى حمتهم من القتل على يد السلطة الحاكمة القائمة حينئذ , ومن حمى النبى موسى من بطش فرعون الا أمه , ومن حمى عيسى المسيح الا أمه مريم ؟ ما أن ولدته أمه حتى خرج " زرادشت " ضاحكا فى المهد فهرولت أرواح الشر التى كانت تحيط بجسد أمه هاربة فى فزع , وتهللت الطبيعة كلها بالفرح والنور وترنمت الاشجار والأنهار والرياح بالنشيد العام الجامع , ورضع الشجاعة والحكمة من أمه مع حب العد ل والرحمة فى مهده تكلم عيسى المسيح ( الكلام مثل الضحك تعبير عن النفس ) وانتشر النور ,
وتنبأت أم الرسول محمد وهى حامل به أنه سيكون نبيا لأنها رأت النور, أما زوجته السيدة خديجة فهى التى طمأنته حين كان ينتفض قائلا دثرونى دثرونى , دثرته ثم قالت له انهض بلغ رسالة الله . كادت الأرواح الشريرة أن تقتل زرادشت لولا قوة أمه وحمايتها له , كما كاد أعداء عيسى أن يقتلوه لولا أمه السيدة مريم , وكانت السيدة خديحة زوجة النبى محمد تكبره بعشرين عاما , بمثابة الأم له , تمنع عنه أذى قريش وهى من أشراف قريش الأثرياء , يخافون قوتها وبأس عشيرتها . لولا عناية الأم ورعايتها ربما هلك أكثر الفلاسفة والأنبياء , وقد كان لقلب الأم وروحها وعقلها تأثير كبير فى غرس القيم الانسانية العليا كالعدل والرحمة فى عقول وقلوب هولاء الفلاسفة والأنبياء الذين رغم اختلافاتهم الدينية والفلسفية فقد كان حلمهم واحدا : ان يسود العد ل بدل الظلم , أن تتوحد الانسانية فى ظل العدالة والحرية والحب والسلام , وان تنتهى الفروق بين البشر , وقد رمزوا لهذه الوحدة الانسانية الكونية أو العالمية باسم الله أو المثل الأعلى أو الضمير . الا أن الظلم والحرب والعبودية هى التى سادت وبأشكا ل مختلفة متطورة حتى اليوم .
حينما سأ ل زرادشت نفسه : ما حكمة الله فى وجود الشر والظلم والحرب ؟ بدأ يشك فى عدا لة الله وحكمته ووجوده , وكتب كتابه " أفستا " ( تفسير الحكمة ) حاول فيه البحث عن الله حتى وجده فيما سماه الوطن الواحد لكل الانسانية , وعرف الله بأنه العد ل الاجتماعي والتعاون والمساواة والمحبة والاخاء والسعي نحو الكما ل , والهدف النهائى هو العدل ( أو الله ) وقال : لو انك عرفت الحق عرفت الله , الله هو العد ل , وهذا هو تعريفه " لله" الذى لا يختلف عن تعريف جدتى الفلاحة فى مصر التى سمعتها وأنا فى السادسة من العمر.
تأثر فلاسفة اليونان القديم والغرب الحديث بالفلسفة المصرية والفارسية والهندية والصينية القديمة مثلما تأثر بها الأنبياء بل ان الأساطير القديمة والقصص انتقلت عبر التجارة والسفر من الكتب الفلسفية الى الكتب الدينية , فقد تكررت أسطورة حواء وآدم بأشكا ل مختلفة.
في فارس مثلا خلق الاله " أهورا مازدا " امرأة ورجلا من الطين وأسكنهما حديقة الزوجين الشريفة ( الجنة با للغة الفرسية ) واشتغل الزوجان معا متعاونين يحب كل منهما الآخر ويخدم كل منهما الآخر دون سيطرة من أحد على الآخر كان يسيران وفق قانون العدالة والتعاون والحب القديم ثم توفى الزوجان ودب الخلاف بين ذريتهما الذكور والاناث تسلط الذكور وتنافسوا على الحكم والميراث ونسوا قانون العدالة والتعاون وعاقبهم " أهورا مازدا " بطوفان من الجليد الذائب ( يشبه طوفان نوح ) فأغرقهم جميعا الا قلة من الذكور والاناث المتمسكة بالعد ل والتعاون , حاول أن يشكل منهم فصيلة جديدة من البشر الأرقى أو الأكثر عدالة وتعاونا وهكذا استمر االاله " أهورا مازدا " فى تجاربه بهذا الطين البشرى , من أجل تطوير الجنس البشرى الى الأفضل أو الأكثر عدالة وتعاونا مع الآخرين .
انها رحلة الفلاسفة والعلماء المستمرة نحو التغيير الى عالم انسانى أفضل ,وهى رحلة المادة من صورتها الاولى ( الأميبا ) عبر أشكالها وفصائلها المختلفة للوصول الى الانسان العادل الرحيم عند الفلاسفة الماديين والمثاليين أو الله ( عند المؤمنين بالأديان )
كان الصراع يدور بين أهورا مازدا (يعنى النور أو اله الخير) وأهريمان (اله الشر والظلام , الشيطان. هذا الصراع الذي بدأته الفلسفة العبودية وهو صراع عقيم لانهائي لأنه صراع غير طبيعي , صراع ضد وحدة الوجود ,فالظلام والنور موجودان ولا يمكن فصل الليل عن النهار أو الجسد عن العقل أو المادة عن الروح ( الطاقة المشعة من المادة) وهى طاقة قد تكون غير مرئية مثل قوة الكهرباء أو القوى الذرية والنووية وغيرها من أنواع الطاقة . وقد أدت الاكتشافات العلمية الى تطور الفلسفة والفكر , كما أدى التفكير الفلسفى المتحرر ( من سجن الخوف من بطش السلطة ) الى آفاق علمية أكبر
فلسفة الهند
ترابط الجسد بالعقل والظلام بالنور والخير بالشر والمادة بالروح أدى الى القول : ان الشر هو القوة الناتجة عن الله ( الخير ) بينما هو يدبر الشر رغم تناقضها تكشف هذه المقولة التطور من الايمان الدينى الى الفلسفة المادية المثالية ثم الجدلية بعد استبدال القوة الالهية بقوة الطاقة أو الحياة وهى فلسفة قديمة منذ الحضارات الأمومية فى مصر وفارس وبابل والهند والصين التى قامت على وحدة الكون والتحام الحياة بالموت والموت بالحياة فى دورة لانهائية.
كتاب الأوبانيشاد يجمع أفكار فلسفات النساء والرجا ل فى الهند ( 800 الى 500 قبل الميلاد ) خلاصتها : انتزع من نفسك الشهوات وان فشلت ومت فلا تيأس ولا تحزن فسوف تولد من جديد وتكرر المحاولة وهكذا دواليك , الموت ليس نهاية الحياة , والألم ضرورى للسعادة مثل الضوء للظلام والموت للحياة
أما بوذا ( 563 - 483 ق . م) فقد وضع فلسفة الأوبانيشاد موضع التجربة الاجتماعية العملية فى الحياة قبل أن تلده أمه ( مثل الأنبياء ) حلمت أنها ستلد فلتة عجيبة تنقذ العالم من الظلم وخرج بوذا من رحم أمه مولودا طاهرا لا تلوثه مياه أمه ودمها النجس هنا نتوقف لحظة لندرك كيف تخرج الطهارة الذكورية من النجاسة الأنوثية كما يخرج الزرع الأخضر من الطين هذه الفكرة العبودية التى قسمت وحدة الانسان الى جسد مدنس ( المرأة ) وروح طاهرة ( الرجل ) وبسسب خطيئة حواء اقترنت المرأة بالشيطان الشر الدنس القذارة الارض الجسد بلا عقل أو عقلها ناقص , واقترن الرجل بالله الخير السماء الطهر العقل النظافة الروح
هذه الثنائية أو التناقض بين الذكورة والأنوثة سادت فى الفلسفة والدين حتى اليوم جاء فى كتاب التوراة أن الأم الوالدة تظل نجسة فى دمها اربعة وستين يوما ان ولدت أنثى , وتنخفض النجا سة الى نصف المدة ( 32 يوما ) ان ولدت ذكرا .والمحيض أذى ( فى القرآن ) يستوجب الطهارة ,وتزخر الكتب الدينية والفلسفية بما يفيد سمو الذكورة على الأنوثة رغم أن المرأة الأم هى التى حمت البشرية من الموت , وهى التي حمت الأنبياء فى المهد من القتل , ينطبق ذلك على بوذا وأمه التى حمته من القتل على يد أعداهما وهجر بوذا أمه المدنسة ليبحث عن أبيه الاله الطاهر دون جدوى ثم تزوج ومنحته الآلهه ابنا ذكرا, وهجر زوجته وعاود البحث حاول الشيطان اغواءه ليعود الى أمه وزوجته وابنه دون جدوى, كان يريد أن يتعلم الحكمة عن طريق الألم والجوع ( اليوجا ) تصور أن الوصول الى الروح يكون عبر هلاك الجسد , الا أنه بدلا من أن يرقى فلسفة الأوبانيشاد هوى يعض الأرض من الجوع مثل كلب يتضور جوعا ثم عا د الى الأكل واشباع الجسد وبدأ يفكر من جديد فى دورة الحياة المملة فى تكرارها : الولادة والشباب والشيخوخة والموت ثم تكرار ذلك على نحو عبثى ممل , ثم وصل أخيرا الى النيرفانا وهى السعادة ببلوغ حياة العدل والرحمة بكل الكائنات الحية ومنها اليشر وأوصى بثلاث كلمات : الرحمة العدل المحبة براهما , الله هو العدل والخير الأعلى.
لم يختلف فكر بوذا كثيرا عن مقولة جدتى الفلاحة , ( ربنا هو العدل عرفوه بالعقل ) ولم يعتبر نفسه رسولا من عند الله بل مكتشفا لقانون اجتماعى طبيعى يجلب السعادة لمن يسعى نحو العدل والانسانية والرحمة والمحبة وهو المبدأ الذى أخده عنه القديس بولس فى الاصحاح 13 من رسالة القديس بولس الأول الى أهل كورنثوس , قال بوذا : " كما تحمى الأم طفلها الوحيد من الأذى مثلما تحمى حياتها , لتكن أنت مثل الأم فى حبها الشامل الذى يضم الكون كله , حب لا تشوبه شائبة من الكراهية وهكذا يعود بوذا بعد أن نضج واستوى الى فلسفة الأم التى هجرها
| |
| | | محجوب عبد الدائم الدبعي عضو نشط
عدد الرسائل : 69 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 مقدار الإعجاب : 0 نقاط التميز : -1
| موضوع: رد: رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة الإثنين فبراير 25, 2008 7:53 am | |
|
فلاسفة الصين
يرتفع الفيلسوف الى درجة " العظيم " , وهو لقب لم يكن يحظى به قائد الجيش أو رئيس دولة فى الصين القديم فى عهد كونفوشيوس ( 600 ق . م ) كانت فلسفة الصين القديمة منذ 20000 سنة قد عرفت نظرية التطور ( التى نسبت فيما بعد لداروين ) تطورت الكائنات من درجات البدائية الاولى الى الفكر والانسانية سر الحكمة مثل الطبيعة الأم تعطى دون أن تفكر فى الأخذ السعادة هى النجاح الجماعى وليس الفردى فى تحقيق العد ل والحرية والحب
فى حياة " لاو- تسى " ( 551 ق. م ) كانت الأم هى التى رعته وهو طفل يتيم الأب , جمع بين الفلسفة والموسيقى والعلم والفن تأثر بأمه وأدرك أن الأم المستقلة لا تقل شيئا عن الأب , وأن الانفاق مسئولية الأم المستقلة مثل الأب , وأن الأم تفقد استقلالها ان بقيت فى البيت ولم تخرج للعمل بأجر , وهكذا أدرك " لاو- تسى" أن " تقسيم العمل بين الأب والأم على أساس الجنس ", هو السبب فى اهدار حقوق الأم فى المجتمع والأسرة وغياب اسمها في التاريخ وهى الفكرة التى سادت بعض حركات تحرير المرأة فى عصرنا الحديث . و كان يرى أن عدالة الدولة وأمانة الفرد تبدأ فى البيت فى الأسرة ,ربط بين الخاص والعام , وبين القهر الجنسي والاقتصادي وقال للأثرياء : حتى لا يسرق الجوعى لا بد أن تكفوا عن الجشع !
كان يحارب قوانين العبودية التي قهرت النساء والفقراء لهذا حاربه الحاكم الملك وأعوانه الذبن كانوا يقذفونه بالحجارة وهو يمشى ووصفوا أفكاره بأنها هدامة وهددوا حياته , وبعد زوال الملك جاء الأمير " لو " و عينه رئيس قضاة التحقيق , ثم طرد من منصبه حين بدأ يحكم بالعدل كما حدث لابن رشد , في الأندلس , في القرن الثاني عشر بعد ميلاد المسيح.
من فلسفة كونفوشيوس أن الحق والعدالة هي أساس القانون , وتحدث كونفوشيوس عن الانسان الارقى " السوبر مان ", لكنه آمن أن الإنسان الارقى يكون عادلا أكثر و يرى الناس مساوين له , ويحترمهم , أما " نيتشة " فكان السوبرمان فى نظره هو السيد والناس عبيده يقومون على خدمته, ولم تختلف الفلسفة الصينية كثيرا عن الفلسفة فى مصر القديمة فى عصر نوت وازيس
الفلسفة فى اليونان والتغيرات السياسية والعلمية
انتقلت الفلسفة في اليونان القديم من التأمل في طبيعة الله الى البحث العلمي وتركيب الكون ومن قداسة الالوهة الفردية الى قداسة العدل الاجتماعي الجماعي ( مثل فلسفة نوت وازيس وكان هناك الفلاسفة الماديين مثل طاليس وهيراقليتس وسقراط وديموقريتس وابيقور , مع اختلافهم فى بعض الأفكار اتفقوا على انزال الفلسفة من السماء إلى الأرض , لتكون في خدمة الأغلبية المستعبدة , وتلعب دورا فعالا في تحريرهم
طاليس ( 600 ق.م ) انتقل من التأمل فى طبيعة الله الى البحث العلمى وتركيب الكون , رأى أن الماء هو الوحدة المادية للوجود أما تلميذ طاليس , أناكسيماندر ( 575 ق . م ) فقد رأى أن وحدة الوجود مادة دقيقة هى اللامتناهى والتى خرجت منها كل أشكال الحياة والكائنات المائية والطيور والحيوانات حتى الانسان. ثم هيراقليتس ( 475 ق.م)الذى اعتقد أن النار هى المادة الجوهرية للوجود وهى متغيرة على الدوام , فالتغير هو قانون الطبيعة والوجود , وان هناك صراع بين الأضداد ينتج عنه أشكال جديدة أكثر تطورا بمعنى آخر , رأى هيراقليتس الوحدة داخل صراع متغير , أو انسجام داخل التنوع والاختلاف , ربما كانت بذرة فلسفية تساعد على التغيير من الدكتاتورية والاستبداد بالرأى الى احترام التنوع والاختلاف , أى ما سميت بالديموقراطية.
ديموقريتس ( 430 ق.م )ساعدته دراسة العلم والطب فى فلسفته القائمة على التفكيك والتحليل ثم الضم والتركيب , وهى العملية اللانهائية العقلية المتصلة بالحياة المادية الواقعية , والتى أدت الى الاكتشافات العلمية والتطور الاجتماعى والفلسفى .دخل ديموقريتس بعقله الى عالم الذرة المادى , درس الذرة , ورأى فى كل ذرة حياة أو روح داخلية تهيمن على حركتها هكذا اقترب ديموقريتس بفلسفته المادية من الاكتشاف العلمى الذى أثبت أن النواة الثانية فى الذرة " طاقة " وليست " مادة" .هو الذى وضع نظرية الذرة : المادة الأصلية الجوهرية للوجود كانت المادة قبله تتكون من أربع جواهر : الماء , النار , الهواء , الأرض لكنه رأى أن المادة الأصلية تتكون من عدد لانهائى من الذرات التى لا تنقسم.
في عصرنا تم اكتشاف أن الذرة تنقسم وان النواة تنقسم , وأخيرا اكتشاف أن الالكترون ينقسم, وأن هناك شيء أصغر من الإلكترون يطلق عليه : الكوارك " , ثم شيء أصغر اسمه " الناو " تم ادراك أن " الطاقة " ليست روحا داخلية وإنما هي شكل من أشكا ل المادة , وأن الكوارك يتحرك بسرعة عجيبة الى حد وجوده فى مكانين فى الوقت نفسه, لعدم القدرة على قياس سرعته , مما يغير بعض حقائق العلم القديمة ولا زال الفلاسفة فى عصرنا من الرجا ل والنساء يفكرون فى هذه الحقائق العلمية الجديدة والتي تغير من نظرتهم الى سر " الروح " !
اكساتوفان ( 500 ق. م ( رجع بفلسفته الى فكرة العالم الواحد تحت رعاية الخالق الواحد اللانهائي وأقام فكرته التوحيدية على أساس وحدة الوجود , وأن الله موجود فى كل شىء لأنه كل شىء , تشبه نظرية سبينوزا أو " المذهب الحلولى " أن الله يحل فى كل شىء , ولا شىء يشبهه لأنه كل الأشكا ل . هو الكل فى الكل , وهو الكل فى واحد
لكن فيثاغورس ( 500 ق . م ) أدرك الوحدة غير المرئية لله , وان الاجسام السماوية تتحرك سويا فى موسيقى متناغمة , كان عالم رياضيات يربط بين مبادىء الرياضة والموسيقى , وقال "الرياضيات أعلى مراتب الفلسفة وأن الفلسفة أعلى مراتب الموسيقى وأنشأ أسرة جديدة من النساء والرجا ل يملكون كل شىء معا ويعملون معا اعتبر " الملكية الخاصة " هى أساس الشقاء والظلم فى العالم أراد أن يحقق نوعا يشبه الاشتراكية المشاعية أو ما سميت الشيوعية فيما بعد ,وكان تأثيره الفكرى كبيرا على من جاء بعده من الفلاسفة من سقراط الى رسل الى ماركس
انه سقراط ( 469 ق.م ) فعلا الذى أنزل الفلسفة من السماء الى الارض , ودفع حياته ثمنا لذلك هو فيلسوف مادى اشتغل بالسياسة , وهنا الخطورة , لأن نظم الحكم الطبقية الأبوية بكافة أشكالها الاقطاعية والرأسمالية القديمة والحديثة وما بعد الحديثة فى عصرنا الحالى , ترحب بأى فيلسوف مادى أو مثالى, مؤمن أو ملحد , بشرط أن يبقى فى برجه العالى بعيدا عن الناس والحياة السياسية والاجتماعية, والا يكون له أى تأثير حقيقى أو قدرة على تغيير النظام الحاكم لهذا حصل أرسطو وافلاطون على جوائز الدولة ( مثال أغلب النخب المثقفة شرقا وغربا فى الماضى والحاضر ) لسبب بسيط : أنهم لم ينزلوا الى الحياة الواقعية التى يعيشها الناس ) وحين نزل أرسطو الى الحياة السياسية ناله الأذى ,اما سقراط فقد حكم عليه بالاعدام وتم تنفيذ الحكم بشرب السم .
لم يشتغل سقراط بالسياسة فترة طويلة وقال : الانسان الامين لا يستمر فى السياسة ! الا انه كان مشغولا معظم الوقت بقهر الدولة للانسان , كان قوى الجسم والعقل , بلغت قوته الى حد الرقة , البادية فى الرحمة فى عينيه , وقا ل :" من خلال المعرفة يمكننا الوصول الى الفضيلة الفردية والعدالة الاجتماعية"ونقد زيف الحكم والانتخابات المزورة , وقا ل : انها انتخابات حكومة ظالمة تقوم على أصوات العامة الجاهلة .تكاد عبارته هذى الذى نطق بها قبل ميلاد المسيح بأربعة قرون ونصف تعبر بالضبط عن أحوا ل بلادنا السياسية فى وقتنا هذا , فى القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد . واتهم بالكفر والعمل على قلب نظام الحكم , وهى التهمة الشائعة التى توجه دائما الى أكثر المفكرين أمانة وحرصا على العدالة والحرية , وهى أيضا التهمة التى تفزع آخرين فيلزموا الصمت أو يتنازلون عن أفكارهم و يشاركون فى النفاق العام .
حوكم سقراط أمام 500 محلفين من أفراد الشعب , لم يعرفوا شيئا عن أفكاره سوى ما أشاعته عنه السلطة , من أنه شخص مهرج هزلى ملحد مفسد للشباب , لا تهمه الا مكاسبه الشخصية، وخاطب قضاته قائلا " توجهون لى تهمة افساد الشباب لمكسب شخصى وأنا لم آخذ الا الفقر, وكل ما سعيت اليه هو العدل , من العار عليكم تكديس الثروة بدلا من اكتساب الحكمة, انى أخلع النقاب عن جهلكم المستور .وقد بكى سجانه وهو يناوله السم لأنه أحبه مثل كل من عرفوه . ربما يكون سقراط هو أكثر الفلاسفة انسانية فى نظرى , وأكثرهم قربا الى مشاعرى , والى حياتى , وقد تعرضت أكثر من مرة الى التهمة ذاتها التى تعرض لها , وهى الكفر ومحاولة قلب نظام الحكم , ودخلت السجن أيضا , الا أن الحاكم الذى أدخلنى مات مغتالا , وتمتعت فى زنزانتى بحب السجانات , وخرجت من السجن دون أن أشرب السم . ألا تتكرر مثل هذه القصص فى حياة أى انسان يفكر ؟ خاصة فى بلادنا حيث يكون الحاكم شبيها بفرعون , وهو صاحب السلطة الوحيد ليس له شريك !
افلاطون : 427 - 347 ق . م لم أتعاطف مع فلسفة افلاطون رغم العظمة أو الخلود الذى حصل عليه فى الفلسفة والتاريخ . يكفينى أنه قا ل : أحمد الله أننى ولدت يونانيا لا أعجميا , حرا لا عبدا , رجلا لا امرأة . هذه العبارة وحدها تكشف عن تعصبه القومى والطبقى والجنسى , هذا التعصب الثلاثى الذى يحجب الرؤية الفلسفية عن أى عقل وقلب , عبارة خالية من المشاعر الانسانية التى تؤهل الانسان للعدل والمساواة بين البشر بصرف النظر عن الجنس أو الجنسية أو الدين أو الطبقة أو العرق أو اللغة أو غيرها ,وكيف يكون الفبلسوف فيلسوفا اذا تخلى فى أفكاره ومشاعره عن العدالة والمساواة بين البشر؟ لم تستهوينى مدينة افلاطون الفاضلة لأنها كانت ذهنية فقط ولا علاقة لها بالواقع , رغم كل ما فيها من قوانين عادلة , وحكمة بالغة , تربط القانون بالفلسفة بالدولة بالدين بالسعادة والفن والموسيقى وكل ما يتمناه الانسان .انها الجنة فوق الارض , فيها من التحيزات الطبقية الذكورية العنصرية ما يكفينى للزهد فيها , وهى جمهورية ديموقراطية عادلة جميلة تنقصها الحرية الحقيقية ومشاعر الحب والجمال الحقبقى !
أرسطو طاليس : 384 - 322 ق.م الشهير بأرسطو , وهو من العظماء في تاريخ الفلسفة , وقد تجرع كأس السم مثل سقراط لكن بارادته دون أن يحكم عليه بالاعدام . وكان الملك فيليب ملك مقدونيا زميل صباه , لعبا معا فى طفولتهما , و أصبح أرسطو مدرسا لابنه الاسكندر الاكبر , تعرض أرسطو لحادث مؤلم , ربما جعله حريصا فى ابداء رأيه أمام الملوك , وكان لشقيقته ابن متمرد له من الذكاء ما يكفيه لأن يرفض اعتبار الاسكندر الأكبر الإله المعبود , وغضب عليه الاسكندر وقتله , دون أى اعتبار لمشاعر أرسطو ,خا ل الشاب المقتول , والذى كان أستاذه .
يختلف أرسطو مع افلاطون فى فكرة أساسية , رأى افلاطون أن الحياة تحركها قوى خارجية , أما أرسطو فقد رأى أن هذه القوى داخلية , وقد آمن الاثنان بقوة الهية , كان اله افلاطون مثالى صانع المثل, متحرك، وكان اله أرسطو صانع الحركة , محرك أفعال العالم الا أنه ساكن , الاله فى نظره طاقة أو روح خالصة لم تخلق لكنها خالقة , وهى ثابتة لا تتحرك , وقد أخذ هذه الفكرة من نظريته الفلكية الخاطئة , عن أن الارض هى مركز الكون ,هى المحرك غير المتحرك للسكون , واعترض أرسطو على نظام افلاطون المثالى وقال عنه خيالى " يوتوبيا ", ورفض فكرة تقسيم الثروة بين الناس بالتساوى كما فى جمهورية افلاطون , وقال : اذا قسمت الثروة بين الناس ضعفت المسؤلية الفردية لكل شخص . و امتلك الشجاعة ذات يوم ونقد الاسكندر الاكبر قائلا أن الدكتاتوريات أسوأ أنواع الحكومات , وصمم الاسكندر على قتله , لكنه مات فجأة عام 323 ق. م قبل أن يقتل أرسطو ,واتهم أرسطو من أهل أثينا بخيانة الدولة والالحاد فهرب الى جزيرة " أوبا " فى بحر ايجة وتجرع السم ومات بعد أن كتب وصية بتحرير عبيده , رغم نظريته السابقه بأن العبودية أمر عادل تتطلبه طبيعة العبد والمرأة , اما نظريته البيولوجية (عن أن الجنين يصنعه الحيوان المنوي الذكرى فقط , وأن المرأة ليست الا الوعاء الساكن الذي يحمل الجنين) فقد ثبت أنها خاطئة مثل نظريته الفلكية .الا أنه كان أكثر تقدما فى رؤيته للفلسفة ذاتها وقال : يجب على الفلسفة أن تكون عمود النار والنور الذي تهتدي به الحركة السياسية والاجتماعية
ديوجنيس 312 - 323 ق . م أكثر شجاعة من أرسطو , لا يخاف الموت , ولماذا يخاف وقد قال عن نفسه :ضاعت حياتى منذ اليوم الذى ولدت فيه . وقال أيضا : أرسطو يأكل عندما يشاء الملك أما ديوجنيس فيأكل عندما يشاء ديوجنيس !رفض ديوجنيس الملكية الخاصة من أى نوع ( يشبه فيثاغورس ) وطالب بالغاء الرق والمساواة بين الناس فى ظل قانون عادل ,وقال : أعظم لذة أن تحتقر كل لذة !كان يمشى فى الشوارع يعلم الناس مثل سقراط ,وقال ان السيطرة على النفس هى الحرية الوحيدة , والأمن الحقيقى هو رفض الأملاك لا امتلاكها ,
الا أن أبيقور ( 342 - 270 ق.م ) دفع بالفلسفة المادية الى الأمام , وكان فقيرا يتيم الأب يطوف مع أمه بالمنازل لبيع الأحجبة وأدوات الطب الروحى والدجل الدينى السائد , لم تكن أمه تؤمن بهذا الدجل وتقول عنه خزعبلات وخرافات ولكن الفقر يدفعها الى بيع هذه الأشياء في السوق لتعول ابنها ونفسها لهذا ومنذ طفولته ضمر أبيقور الكراهية للدجل الدينى , ومثل كل الأطفال راوده السؤال من خلق الله ؟ أو من خلق " الهيولى " أو المادة الأولى للوجود , لم يجد جوابا على سؤاله من المدرسين والفلاسفة فقرر أن يبحث بنفسه وضع فكرة مذهبه القائم على : اللذة والسرور " بعد أن أدرك أن الله هو خالق الخير والشر والألم واللذة , وبالتا لى هو مسئول عنهما , وأن الانسان لا يملك من الحياة الا الحاضر وعليه أن يعيش ويستمتع بالحياة قبل ضياع
| |
| | | محجوب عبد الدائم الدبعي عضو نشط
عدد الرسائل : 69 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 مقدار الإعجاب : 0 نقاط التميز : -1
| موضوع: رد: رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة الإثنين فبراير 25, 2008 7:54 am | |
| الحاضر , وأن الكون مكون من مركبات من الجواهر الفردية تدور بسرعة خارجة من الهيولى الى العالم ثم تعود اليه فى دورانها السريع , وهى ذوات أحجام وأشكال مختلفة تركب بالتدريج وتؤلف النجوم والاراضى والاقمار والشموس وكل عوالم الكون , هذه الفكرة هى التى قا د ت الى علم الكون الحديث , وأدرك أبيقور أن عالمنا ليس العالم الوحيد , وأن هناك عوالم أخرى وأكوان أخرى وأن عالمنا أو هذا الكون يسير تدريجيا الى الفناء , الى رما د بارد .قدم أبيقور فكرة النشوء والارتقاء قبل داروين بحوالى 2200 عام ,وقال أن الحياة تتطور من خلال الصراع من أجل البقاء وكذلك الانسان .وقال أن أعظم لذة تأتى بعد انتهاء الألم , ,ان الموت ليس الا نوما جميلا لا تعكره الاحلام واننا لم ننزعج لعدم وجودنا قبل أن نولد , فلماذا ننزعج لعدم وجودنا بعد أن نموت ؟ وقال أيضا : لا يوجد اله عاقل يأمر ببناء معبد له ثم لا يلبث أن يهدمه بضربة صاعقة .
الفلسفات الدينية التوحيدية
يمكن القول أن فلسفة نفرتيتى واخناتون التوحيدية مهدت لفلسفة الانبياء من بعد , موسى وعيسى وابراهيم واسحاق ويعقوب واسماعيل ومحمد , ولعبت الاديان التوحيدية الثلاث الكبرى بمذاهبها المختلفة المتشعبة دورا فى الثورات و التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية , فى القارات الخمس , وفى تثبيت النظام الطبقى الابوى على مقدسات وثوابت دينية , وعلى نصوص الهية أصبحت هى مصدرا لدساتير الدول وقوانيها وقيمها فى الشرق والغرب ,لعبت الكتب الدينية الثلاثة : التوراة , الانجيل , القرآن دورا كبيرا فى هذه التغيرات , بعضها أدى الى محاربة الرق والعبودية , تحت فكرة : العبودية لله فقط وليست لأى حاكم من البشر , رغم بعض النصوص الدينية التى أبقت على الرق , فيما يتعلق بأسرى الحرب من النساء والرجال , وإباحة امتلاك العبيد والإماء و الجواري , الا أن الثورات الشعبية من العبيد والفقراء والنساء , والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية أدت الى تجميد هذه النصوص , وابطا ل العمل بها , لعب الفلاسفة والمفكرين من الرجال والنساء , فى الشرق والغرب , دورا فى القضاء على الرق وبقايا الفكر العبودى , الا أن النظم الحاكمة كانت ( ولا تزال) تتمسك بالنصوص والثوابت التى تحافظ على مصالحها ومكاسبها وعبيدها وجواريها , وتشترى الفلاسفة ورجا ل الدين الذين يبررون الاستبداد والحرب وقهر النساء والاجراء , تحت اسم الدين ,أصبحت كلمة " الدين " أو " حكم الله " سيفا مسلطا على أعناق الداعين والداعيات للتحرير الانسانى وتحقيق العدالة والحرية للجميع بصرف النظر عن الجنس أو النوع أوالطبقة أو اللون أو غيرها, هذه القيم الإنسانية العليا التى دعى اليها الفلاسفة والانبياء من الرجا ل والنساء , من ازيس وازوريس ونفرتيتى واخناتون إلى موسى وبوذا وكونفوشيوس وعيسى ومحمد , ومن سقراط ودموقريتس وارسطو وابيقور إلى ابن سينا والفارابى ورابعة العدوية وابن رشد وهيجل وماركس وانجلز وساتر وسيمون دو بوفوار وغيرهم الا أن الصراع الدموى استمر حتى يومنا هذا من أجل المكاسب الاقتصادية والمادية تحت غطاء اليهودية أو المسيحية أو الإسلام , وقد تعرض الأنبياء للقتل بمثل ما تعرض كثير من الفلاسفة والمفكرين من الرجال والنساء, الذين حاربوا العبودية والتفرقة بين البشر .وقع كثير من الفلاسفة و القديسين في التناقض والازدواجية أو الثنائيات العبودية التى وردت في الكتب الدينية , منها التناقض بين : الخير والشر , الانسان والله ,الأبيض والسود , السيد والعبد , الرجل والمرأة , الجسد والعقل , المادة والروح ومن هؤلاء
القديس أوغسطين 354 - 330 بعد الميلاد , الذي تأثر بأمه ( كما تأثر المسيح بأمه مريم ) , كانت أمه تقرأ كتاب الانجيل له وهو طفل صغير , ونسى أمه والإنجيل وانغمس فى شهوات الشباب , ثم بكى ذات ليلة حين سمع صوت الطفل داخله يناديه بصوت أمه ,ويقول له : أخرج الكتاب واقرأ , اقرأ , اقرأ , وكان أوغسطين افلاطونيا تأثر بالفلسفة المثالية الداعية الى التخلص م الشهوات من أجل الرقى وبلوغ الكما ل , الله , الا ان نظرته للمرأة لم تخرج عن كونها حواء الآثمة وسبب طرد آدم من الجنة وأنها أورثت بنات حواء الشر والفساد الموجود فى طبيعتهن الانثوية
أما القديس توما الاكوينى 1227 - 1274 بعد الميلاد فقد اتفق فى نظرته للمرأة مع القديس أوغسطين وغيره من القديسين , واعتبرها الباب الذى يدخل منه الشيطان , لكنه اختلف مع أرسطو , واعتبر ان الله هو المحب الخلاق , وليس هو اله أرسطو المحرك الثابت , كما رأى إنسانية الله وألوهية الإنسان مثل الفلاسفة القدماء فى مصر والهند : الله فى قلب كل انسان فى ضميره , الله هو الضمير الجماعى والذات الجماعية . لكنه قال أن العقيدة تأتى قبل العقل , وقد سبقه بمائة علم فيلسوف عربى رأى أن العقل يأتى قبل العقيدة , وهو ابن رشد , - ابن رشد ( 1126 - 1198 بعد الميلاد) رأى أن العقل يأتى قبل العقيدة , وأن العقيدة تبنى على العقل , حسب جوهر الاسلام .تأثر ابن رشد بالاتجاه العقلى المادى المتمرد فى الاسلام منذ أبى ذر الغفارى حتى الخوارج والمعتزلة وو رابعة العدوية التى كانت مثل جدتى الفلاحة , تؤمن أن الله هو العدل والحب والرحمة , وليس الله هو نار جهنم أو جنة عدن أو النصوص أو الطقوس الشائعة ,تأثر ابن رشد بالتطورات العلمية والسياسية والاجتماعية فى عصره , مثل غيره من المفكرين فى بلاد أخرى , وكان لفلسفته العقلية تأثيرا وتمهيدا للنهضة فى عصرنا الحديث , الا أن الحكم الاستبدادى وبطش الملوك والسلاطين , وتعاونهم مع الاستعمار الخارجى أدى الى قهر الفلاسفة أو تشويه أفكارهم واتها مهم بالكفر والزندقة , أو على الأقل اهما ل فلسفتهم واسقاطها من التاريخ ,لهذا لم تنشر فلسفة أبن رشد فى بلادنا , لم نستفد منها كما حدث فى أوروبا , رغم التزام ابن رشد فى فلسفته بالايمان الدينى وعدم تجاوزه شرع الله .
ولد ابن رشد فى قرطبة بالأندلس عام 1126 م ومات فى مراكش عام 1198 م , عاش اثنين وسبعين عاما من التفكير والدفاع عن جوهر الفلسفة والدين وهو العدل .كان ناقدا لأصحاب الفلسفة المثالية الافلاطونية الغارقة فى الخيال والغيبيات , كما نقد ابن سينا والفارابى , وأحب فلسفة أرسطو وانشغل طويلا بها وبتوصيلها الى أهل بلاده العر , درس الكلام والفقه والشعر والطب والرياضيات والفلك والفلسفة , فى عام 1182 م وهو فى السادسة والخمسين من عمره , عينه الخليفة ( أبو يعقوب خليفة الموحدين ) طبيبا وقاضيا فى قرطبة , ثم تولى منصب القضاء فى اشبيلية ,وكان يفسر آراء أرسطو بناء على رغبة الخليفة أبى يعقوب يوسف , الا أن الخليفة لم تعجبه تفسيرات ابن رشد , وتغليبه العقل على النقل من النصوص , وعاد ابن رشد الى قرطبة حيث تولى منصب قاضى القضاه لمدة عشر سنوات , ألحق فيها بالبلاط المراكشى كطبيب خاص للخليفة . الا أن الخليفة غضب من أفكاره الداعية الى العدل واعما ل العقل , وأبعده إلى أليسانة " وهى بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من اليهود , وأمر الخليفة بحرق جميع مؤلفات ابن رشد الفلسفية , بل حرم الاشتغال بالفلسفة والعلوم جميعا الا الطب والفلك والحساب , ومات ابن رشد عام 1198 قبل أن يصدر قرار الخليفة المنصور بالعفو عنه , اليست قصة حياة ابن رشد شبيهة بقصص حياة الفلاسفة الأمناء الذين لا يتنازلون عن أفكارهم خوفا من السلطة الحاكمة ؟
أثر التقدم العلمى على الفلسفة فى العصر الحديث :
حل علم الفلك محل التنجيم والكيمياء محل السيمياء , وعلم الأجناس البشرية محل الجن والشياطين, واكتشف كولومبوس عالما جديدا وراء المحيط وكوبرنيك اكتشف طريقا جديدا الى النجوم , وجاليليو اكتشف أن الأرض تدور ,ودارت الأفكار فى رؤؤس المفكرين مع دوران الأرض , وبدأت عقول الفلاسفة تضرب فى الخرافات الفلسفية والدينية التى انتشرت فى العصور المظلمة , حيث نصبت المشانق والمحارق لكل كافر وكافرة الذين يعارضون أوامر الله , التى هى أوامر الملك أو السلطان ربما كانت الضحايا من النساء أكثر من الرجا ل, هؤلاء النساء بنات حواء الآثمة , الساحرات الشريرات اللائى تجرأن على تعاليم الكنيسة وعالجن المرضى بطرق طبية جديدة , ليست هى الماء المقدس الذى كان القسس يحتكرونه و يبيعونه للناس , تحت اسم الله الذى بيده الشفاء , وليس الطبيبات الكافرات الخائنات للوطن ,كان الاطفا ل ينشدون فى المدارس : " الله الوطن الملك" فى نفس واحد باعتبار أن الثلاثة واحد واحد , كان الفساد عاديا وشائعا كما هو اليوم , والسلطات السياسية والدينية متلاحمة ,
فرانسيس بيكون ( 1561 - 1626 بعد الميلاد عينه الملك جيمس رئيسا للقضاة , شارك فى الفساد السائد بحكم منصبه وخوفه من فقدان رضا الملك عليه , الا أن الظروف تغيرت , وطرد من منصبه وحوكم بتهمة الرشوة والفساد , قصة متكررة حتى اليوم فى بلادنا , منذ أيام قليلة فى مصر ( يوليو 2006 بعد الميلاد ) سقط رجل , كان يحمل لقب المفكر الكبير , الكاتب الكبير , رئيس أكبر مؤسسة اعلامية فى الشرق الأوسط , وأقرب المثقفين لرئيس الدولة والحكومات منذ أربعة عقود , منذ سبعينيات القرن العشرين فى الألفية الثانية , حتى بداية القرن الواحد والعشرين فى الألفية الثالثة , أربعون عاما من الفساد والرشوة أصبح فيها هذا المفكر الكبير من أثرى الأثرياء فى مصر , من أصوله الفقيرة وهو صبى مراهق الى الكهولة الثرية التى تملك المليارات الى جوار العقارات , الى جوار المجد الوطنى و الفكرى والثقافى و , أخيرا سقط " القط السمين" بعد أربعين عاما من التستر تحت اسم " الله الوطن الملك"
بعد أن فقد " فرانسيس بيكون" عناية الملك وعناية الله والوطن فى وقت واحد , اعتزل العالم وبدأ يتأمل الكون وأحوال الدنيا المتقلبة ,نقد أفكاره السابقة المتناقضة التى قامت على شهوة المال والخوف من الملك , والتى خدع بها الناس طويلا , من نوع : " لا تنظروا الى أعمالى بل انظروا الى كتاباتى ! , ( العبارة نفسها التى كان يرددها" نجيب محفوظ " فى مصر ولا يزا ل )الفصل بين العمل وبين الفكر مثل الفصل بين الجسد والروح كان , ولا يزال , الثنائية الفلسفية التى تتسرب منها كافة أشكا ل الفساد والعبودية والاستبداد.
بدأ فرانسيس بيكون ينقد هذه الثنائية , ويؤكد أن توزيع الثروة غير العادل يؤدى الى الثورة والحرب , وأن نور المعرفة أبقى من الما ل والسلطة ,وطالب بالتخلص من كلمات أرسطو الغامضة من نوع : " الله محرك الكون الذى لا يتحرك " أو " خالق الكون الذى لم يخلق " , أو " علة الوجود التى لا علة لها "وقا ل بيكون : تبدأ الفلسفة باستخدام الكلمات الواضحة الدقيقة , وقا ل : الفلسفة تقوم على التجربة والتجريب مثل العلم , والانسان سيد الكون , لكن العقل الأكبر فى السماء ,
رينيه ديكارت 1596 - 1650 بعد الميلاد بدأ بالشك فى وجود الله حتى وصل فى النهاية الى أن الله موجود , بدأ بالعقل وانتهى بالايمان , واتفق مع العلماء على أن الأرض تدور , واتهموه بالإلحاد أيضا , لكنه أصر على التفكير العقلى وقا ل : " أنا أفكر اذن أنا موجود "الا أنه ظل أسير الثنائيات الموروثة التى تفصل بين المادة والروح والجسم والعقل والمرأة والرجل والحاكم والمحكوم , وآمن بالثالوث " 1 - جسما ماديا 2- نفسا مفكرة , 3-الله الكائن فى كل شىء ,
باروخ سبينوزا 1632 - 1677 بعد الميلاد رأى العالم وحدة ( الجسم والنفس والله وحدة كاملة )عرف مذهبه بالمذهب الحلولى ( الله يحل فى كل شىء ) الله فى الكل , والكل فى واحد , فصله المجمع اليهودى وطرده شر طردة , ولعنوه باللعنة نفسها التى نطق بها أليشع " دعوا الله أن ينزل عليه غضبه ويمحو اسمه من سفر الحياة "الا أن اسم سبينوزا بقى فى الحياة أكثر من أليشع !وقا ل سبينوزا : " ان الأديان تفرق بين الناس وغايتى أن أوحد بينهم "دفعه اضطهاد السلطة الحاكمة الى الاعتزا ل فى غرفة مع العناكب , التى راح يتأملها , ويدرك الشبه بينها وبين الناس فى التكالب والتنافس على الماديات ,مات بالسل المزمن فى جسده وفى المجتمع من حوله , ولم يكمل كتابه الأخير بعنوان :" رسالة فى السيا سة " وقد اعتزم تغيير العالم عن طريق السياسة بعد أن عجز عن تغييره بالفلسفة .( فكرة لم يكن فكر فيها من قبل )وكان يتصور أنه لا يمكن تغيير النظام السائد , وقدوقع سبينوزا فى الخطأ نفسه الذي وقع فيه فلاسفة النظام الطبقى الأبوي ، وانحبس داخل فكرة :ان الحرب لمحات عارضة جزئية من صورة الكون الخالد , ويردد سبينوزا الفكرة السابقة عليه : أن الانسان مثل دودة صغيرة فى نظرها إلى الكل المقدس , وأن العقل البشرى عاجز عن فهم العالم المقدس الذى يسير بارادة خارج إرادة الإنسان , وهى الفكرة التى تؤدى الى السلبية فى مواجهة بطش الملوك والرؤساء . الا أنه ساهم فى دفع فكرة " تكافؤ الفرص" الى الأمام , واعترف بالروح الجماعية الاجتماعية, التى هى جوهر الديموقراطية , والسعي الى العدل ضد الظلم , وأن الانسان الحر هو سيد نفسه وليس عبدا لأحد , وهوجم فى بلده , واتهم بالكفر , وعرض عليه ملك فرنسا ( لويس الرابع عشر ) اللجوء الى فرنسا , الا أنه رفض هذا العرض الملكى , اعتزازا بنفسه جون لوك 1632 - 1707 م كان ملهم الثورة البريطانية ( 1688 ) وربما أيضا الثورة الأمريكية 1776 )) وقد انتقل بفكره من الحكم الملكى المستبد( الحاكم بأمر الله) الى حكم الشعب الجمهورى الديموقراطى , درس الطب والفلسفة والسياسة ونظم الحكم , واختلف عن فرانسيس بيكون فى أنه لم يفصل بين السياسة ومبادىء الأخلاق : " الأمانة الصدق العدل المساواة " ولعب دورا فى اباحة الحرية السياسية والفكرية , وتغيير الدساتير لتنص على العدالة والمساواة , وتعرض بالطبع لبطش الملك فى انجلترا فهرب الى فرنسا, وحورب هناك فهرب الى هولندة , وعاش فيها منعزلا , بعيدا عن الحركة السياسية فى بلده . ترك جون لوك بعد موته فلسفة قائمة على التفكير بوضوح , ودقة اللغة , قا ل : الفكر الصحيح يأتى بلغة واضحة .ودعى الى التعددية فى الأفكار والآراء , ومناقشة كل شىء بالمنطق والبرهان والحكم بعد الاقتناع العقلى . لكنه لم يرفض الملكية الخاصة , وآمن أن الجهد والعمل النشط يزيد الملكية الخاصة , بشرط أن يبقى للآخرين ما يكفيهم كما وكيفا ( نوع من الاشتراكية ) وظل مؤمنا بقانون العدالة المقدسة ( الله ) الذى ندركه بالحدس والفطرة )الحكومة عنده هى عقد اتفاق متبادل قائم على الاستقلال والحرية والمساواة .السلطة تكون فى يد الشعب وليس الملك , وقسم الحكم الى ثلاث سلطات : التشريعية والتنفيذية والقضائية , على أن تكون التشربعية هى الأعلى
| |
| | | محجوب عبد الدائم الدبعي عضو نشط
عدد الرسائل : 69 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 مقدار الإعجاب : 0 نقاط التميز : -1
| موضوع: رد: رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة الإثنين فبراير 25, 2008 7:55 am | |
| هذه الفلسفة كانت البذرة التى أنبتت اعلان الاستقلال فى أمريكا بعد مائة عام من موت جون لوك , وألهمت الفلاسفة من جان جاك روسو الى فولتير فى فرنسا الى موهانداس غاندى فى الهند ( 1869 - 1948 )وهو فيلسوف " المقاومة السلبية" ضد بطش السلطة الداخلية والخارجية, والتى أدت (رغم نجاحها فى استقلال الهند) الى اغتياله يوم 25 أغسطس عام 1947 م , بيد رجل هندوكى يتبع فرقة أصولية متعصبة دينيا , تريد أن تفرق بين الهندوكيين والمسلمين, واحداث فتنة طائفية تقسم الهند لحساب القوى الخارجية والداخلية المتربصة بالهند بعد استقلاله
طه حسين فى مصر
في هذا العام 1947 بلغت السادسة عشر من عمرى, وكنت أعشق القراءة فى الفلسفة والأدب , وقد أصبح غاندى الفيلسوف العالمى المثالى الذى لا يحارب أعداءه بالعنف, بل بالمحبة, والمقاومة السلبية لم تكن كلمة " السلبية " تستهوينى , وهى صفة تلصق دائما بالنساء , الضعيفات , كانت الشهامة والاقدام والايجابية صفات الرجولة الحقة , أما الأنوثة فهي نقيض كل ذلك , يعنى السلبية وعدم الاقدام والضعف وعدم الشهامة , وكنت بالطبيعة ومنذ الطفولة ثائرة ضد هذه الصفات الأنثوية المفروضة على بالقوة وأنا لست سلبية على الاطلاق , بل أكثر ايجابية وشهامة من أخى الأكبر منى ! تأثرت بفكر " طه حسين " وكتاباته , لأنه كان شامخ الرأس معتزا بفكره وبصيرته رغم أنه فاقد البصر , وأعجبنى كتابه " الأيام " ورأيت فيه نفسى رغم اختلاف الأحوا ل والظروف , ورغم كونه رجلا كهلا وأنا فتاة فى السادسة عشر من العمر .
لم تكن كتب" طه حسين" مقررة علينا فى المدرسة الثانوية , مثل كتب " عباس العقاد. " أذكر أن كتاب العقاد " عبقرية عمر " كان مقررا علينا فى السنة الثالثة من الدراسة فى مدرسة حلوان الثانوية للبنات , مثل غيرها من مدارس القطر المصرى , كانت الكتب التى أحب قراءتها والتى تلهمنى أفكارا جديدة غير مقررة فى المدرسة ولا يمكن الحصول عليها بسهولة , وقد دخلت كلية الطب رغم حبى للأدب والفلسفة والموسيقى , وتجمدت أفكارى سنوات الدراسة فى الجامعة , كما يحدث للتلاميذ والطلاب فى بلادنا. لم يكن طه حسين يحمل لقب فيلسوف الا أنه كان فى رأيى أفضل من زكى نجيب محمود الذى كان فيلسوفا بل ربما الفيلسوف الوحيد فى بلادنا , والذى لم أومن بفلسفته المثالية وحديثه عن أن الفيلسوف مفكر محايد لا يزج بنفسه فى الحياة السياسية , وكان ذلك تبريرا منه لعدم التعرض للنظام الحاكم المستبد.
واصلت قراءاتي في الفلسفة بعد تخرجي في كلية الطب عام 1955 بعد أن قامت ثورة 1952 بثلاث سنوات , واجتاحت مصر الأفكار الاشتراكية , والماركسية , التى ساهمت فى احداث تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة , فى بلاد كثيرة من العالم ومنها مصر .ربما كان هيجل من أوائل الفلاسفة في الغرب الذين أدركوا مفهموم " الجدل " ووضع أساس ما سمى " المثالية الجدلية " , لكن هيجل ظل منغلقا داخل الفكر الطبقى الأبوى , وظل يفهم العلاقة بين الجسم والعقل على أنها علاقة تناقض , ولهذا يقول هيجل : " ان التحربة المباشرة تحفز الفكر لينطلق من حدود التجربة ويدخل فى درب آخر متجاوزا ذاته "أما كارل ماركس وفردريك انجلز فيقولان : " ان الوعى لا يوجد الا فى وجود واع , ووجود الناس هو الاستمرار الحقيقى لحياتهم "وقد استطاعت الفلسفة المادية الجدلية أن تطبق هذه الفكرة على طبقة العما ل والفلاحين فى علاقتهم بالطبقة الرأسمالية, لكنها لم تطبق الفكرة ذاتها على المرأة فى علاقتها بالرجل , بالرغم من أن انجلز اعتبر عبودية المرأة للرجل فى العائلة شبيهة بعبودية العامل لصاحب المصنع، لقد أدركت المادية الجدلية مفهوم الوعى الاجتماعى الذى جعل الوجود الطبقى هو الموضوع الخاص للفلسفة المادية الجدلية, أما الوجود الأبوى أو استغلال الرجل للمرأة وسيطرته عليها فلم يكن موضوعها.
لقد تم رفع الصراع الطبقى من اللاوعى الاجتماعي الى الوعي الاجتماعي , عن طريق الفلسفة المادية الجدلية والثورات الاشتراكية خلال القرن العشرين , لكن الصراع بين الجنسين ظل أسير اللاوعى الاحتماعى، ذلك لأن المرأة لم تقدم بعد فلسفتها المادية الجدلية المتكاملة, ولم تتحقق بعد فى الشرق أو في الغرب الثورة النسائية القادرة على تحويل اللاوعى الاجتماعي إلى وعى بقضية المرأة . لقد ركزت المادية التاريخية الجدلية على وعى الطبقة العاملة وتنظيمها وإنضاجها من خلال الصراع الطبقي , لتكون القوى الثورية لتحقيق المجتمع اللاطبقى في المستقبل أما وعى النساء وتنظيمهن وإنضاجهن من خلال الصراع بين الجنسين ليصبحن القوى الثورية لتحقيق المجتمع اللاأبوى فهذا ما لم تتعرض له الفلسفة المادية التاريخية الجدلية . ولهذا السبب عجز الفكر المادي الجدلي عن التعبير عن الواقع الذي تعيشه المرأة أو عن الصراع الذي تعانيه من جراء سيطرة الرجل عليها فى الأسرة والدول ، ويمكن القول أن الفلسفة فى مرحلة تاريخية معينة لا تتجاوز الوعى الذى وصل اليه الفلاسفة فى ذلك الزمان وذلك المكان ,ويمكن القول أيضا أن الحركة الفلسفية تنبع من الحركة الاجتماعية, والعكس أيضا صحيح, كلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر, ولم يعد أمام نساء القرن الواحد والعشرين سوى القيام بثورتهن الاجتماعية والفلسفية فى كل بلد . | |
| | | | رؤية جديدة للفلسفة "نول السعداوي" وللمرأة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|