يبلغ تعداد المسلمين بالسويد نحو 600 ألف مسلم ، من إجمالي 9.6 مليون نسمة ، حسب آخر إحصاء رسمي أجري في عام 2006م ، ويوجد مساجد في كل مدن السويد ، كما يوجد عدد من المصليات والجمعيات في مختلف المدن السويدية ففي العاصمة استوكهلم 45 جمعية ، وفي مدينة مالمو 15 جمعية ، ووصل عدد الجمعيات الإسلامية إلى 160 جمعية منها 60 جمعية للشباب و 12 جمعية للنساء ، ووظيفة هذه الجمعيات الحفاظ على هوية المسلمين ، وإقامة الشعائر وإحياء المناسبات الإسلامية مثل الجمعة والأعياد ، وإعلان الشعائر الدينية ، وتعليم أطفال المسلمين اللغة العربية ، وتحفيظ أطفال المسلمين القرآن الكريم.
ويمثل الدين الإسلامي الدين الثاني في السويد ؛ ولذلك تقرّ القوانين السويدية بأحقيّة أداء المسلمين لكل مناسكهم وشعائرهم بحرية، بل إن الحكومة السويدية تقدم دعما بملايين الكرونات للمجلس الإسلامي ، وهو هيئة إسلامية تضم عشرات الجمعيات الإسلامية ، وأصبح بإمكان المسلم في السويد أن يمارس كافة فرائضه وواجباته الدينية دون أن يتعارض ذلك مع كونه من أصل سويدي أو يحمل الجنسية السويدية أو يقيم على الأراضي السويدية .
كما تقدم وزارة التربية والتعليم دعما ماليا كبيرا للمدارس العربية والإسلامية ولا تخلو مدينة سويدية من مدرسة عربية إسلامية أو من حضانة إسلامية ، ومن جهة أخرى فإن أبناء العرب والمسلمين الذين يدرسون في المدارس السويدية تقدم لهم وجبات طعام إسلامية حفاظا على معتقداتهم , كما يعطى أبناء المسلمين دروسا في اللغة العربية حتى يحافظوا على اللغة الأم . لا يعكر صفو هذا إلا قيام بعض المتطرفين العنصريين في بعض وسائل الإعلام بالإساءة إلى رسول الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، بقصد إثارة القلاقل ودفع المسلمين هناك إلى الإقدام على أفعال تكون عواقبها سيئة على مسلمي السويد ، حيث جاءت هذه الإساءات قبيل رمضان بأيام قلائل ، ورغم ذلك فإن المسلمين بالسويد سيواصلون دعوتهم باحكمة والموعظة الحسنة ، ويقدمون صورة طيبة للمسلمين في رمضان تكون دليلا واضحا على سمو هذا الدين ورفعة نبيهم الذي أدي الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده حتى يأتيهم اليقين ، وينصر الله هذا الدين.
بداية الشهر
وفي السويد يكون للجمعيات الإسلامية دور مهم في الإعلان عن بداية شهر رمضان ليس هذا فقط بل تقوم بتوزيع مواقيت الإمساك والإفطار , وتعلن عن فتح المساجد لأداء صلاة التراويح , ويتم الإعلان عن هلال الشهر الكريم في وسائل الإعلام السويدية خصوصا القناة الأولى السويدية التي تنقل صلاة عيد الفطر من كل عام
ولا يختلف الأكل الذي يتم طهيه كثيرا عن مثيله في الدول العربية والإسلامية حيث تقوم المطاعم بنقل كل الأكلات العربية والإسلامية إلى السويد في الشهر الفضيل ، حتى يشعر الصائم في هذه البلاد وكأنه في بلده.
وهناك مشكلة تواجه الجالية العربية والإسلامية هناك وهي انفصال الأجيال التي وُلِدت في السويد بشكل كامل عن المناخ والنسيج الثقافي الإسلامي واندماجها كلية في المجتمع السويدي , حتى أنها فقدت اللغة والعادات والتقاليد , وهذه الأجيال تكاد لا تعرف من شهر رمضان غير أنه إمساك اضطراري عن الطعام. هذا غير من عاش رمضان في البلاد الإسلامية ثم انتقل إلى السويد فهذا يعيش حالة من العشق لرمضان تبدأ بذكرياته في بلده الأصلي ، تجعله يحاول استحضار رمضان بلده إلى مهجره في السويد.
صيام الشتاء الأفضل
يعشق المسلمون في السويد شهر رمضان في فصل الشتاء ؛ وذلك لكون الصيام سهلا عليهم إذ أنهم يخرجون من بيوتهم إلى العمل أو الدراسة ويعودون إلى بيوتهم في الساعة الثالثة ظهرا ويكون عندها قد حان وقت الإفطار ؛ لأن الظلمة تطل على الناس في الساعة الثالثة بعد الظهيرة مباشرة.
أما إذا صادف رمضان فصل الصيف فهذا يمثل عبئا ثقيلا على الصائمين , لطول ساعات الصيام حيث يشق الصيام على المسلم في مثل هذا الوقت ؛ ولذلك يسافر كثر من عدد من المسلمين إلى مناطق نائية ؛ حتى يحصلوا على رخصة الإفطار كونهم على سفر ، وهناك من يذهب إلى بلاد أخرى لصيام الشهر الكريم فيها وهروبا من صيف السويد الذي يصل في عدد ساعات الصيام إلى 20 ساعة تقريبا.
خلافات مذهبية
الهم المسيطر على الجالية الإسلامية في السويد هو الخلافات المذهبية التي تفرق المسلمين إلى فرق وجماعات [ كل حزب بما لديهم فرحون ] حيث يتصدّى لأمر الدين قوم لا علاقة لهم بالدين ولا بضرورات المجتمع المسلم في السويد فلا فقه يستطيع من خلاله المتعرضون للفتيا مراعاة ظروف المجتمع السويدي ولا مراعاة لأبعادٍ حضارية أوإستراتيجية تحفظ للمسلمين وحدتهم ، فتجد الخلاف النشاب بين المدارس الإسلامية الفقهية حول بداية شهر رمضان وما يتفرع عنه من خلافات كبيرة , وغياب التنسيق بين مختلف الجمعيات الإسلامية للنهوض بالمسلمين في السويد وقد أصبح في كل مدينة سويدية تقريبا مسجدان واحد لطائفة الشيعة وآخر للسنة الأمر الذي جعل بعض المسئولين السويديين يتساءلون أليس الإسلام دينا واحدا بشـَّر به نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام.
والسؤال أين الرعاية والإشراف من المؤسسات الإسلامية العاملة في مجال الدعوة كالأزهر أو منظمة المؤتمر الإسلامي ، أو غيرها من المنظمات التي تتدعو للتقريب بين المذاهب؟!
صلاة التراويح
يحتشد المسلمون في مساجد ستوكهولم المركزي وأوبسالا ومالمو وغوتنبورغ ؛ لصلاة العشاء والتراويح ، التي يسبقها عظة أو تذكرة أو نصيحة للمسلمين في الطرق الأنسب لتربية أبنائهم وبناتهم , ويتمّ في بعض المساجد قراءة القرآن بشكل جماعي وتلاوة الأدعية الخاصة بشهر رمضان بشكل جماعي أيضا .
وتقوم بعض المساجد بتدريس القرآن وعلومه للمسلمين في نهار رمضان.
موائد الإفطار قليلة
موائد الرحمن لا تعد ظاهرة في السويد رغم قيام بعض الجمعيات الإسلامية والعربيّة بالدعوة إليها لكن لا يكون هذا على فترات متباعدة ، لأن الوضع الإقتصادي الجيد للمسلمين هناك لا يستلزم وجود مثل هذه الموائد ؛ لأن العاطلين من المسلمين هناك تمنحهم مؤسسات الحكومة السويدية بيتا وراتبا يكاد يوازي راتب وزير في بعض دولنا العربية والإسلامية .
وحتى مساجد الشيعة تتمتّع بحريّة كاملة حيث يبادر بعض أبناء الطائفة الشيعيّة إلى دعوة مبلـِّغين يأتون من إيران لإلقاء الدروس والمحاضرات في مساجد الشيعة في السويد .
اهتمام المدارس بصيام التلاميذ
اجمل ما في السويد بالنسبة لشهر رمضان هو قيام المدارس السويدية قبل حلول شهر رمضان بأسبوع واحد بارسال استمارة إلى أولياء التلاميذ المسلمين , تطلب من أولياء التلاميذ التوقيع عليها وإخبار إدارة المدرسة إذا كان أبناؤهم سيصومون هذه السنة أو لا , لتقوم المدرسة بمساعدة الصائمين وعدم تقديم وجبات الطعام إليهم علما أنّ الأطفال في السويد يتغذوّن في مدارسهم . وبالنسبة للعديد من العائلات المسلمة فإنها تكافئ الطفل الصائم بهدايا ومصاريف إضافية له , والطفل الذي هو دون البلوغ يعودّه ذووه على الصوم إلى ما قبل الإفطار بساعتين تمهيدا للصوم الكامل .
يشار إلى أنّ أطفال المسلمين الذين يقبلون على الصوم ارتفع عددهم بشكل مدهش وباتوا يصرون على الصيّام إلى درجة أنّ هذه الظاهرة أرخت بظلالها على المدارس السويدية التي أصبحت فقيهة في شئون الصوم , نظرا لما يسمعه مسئولو هذه المدارس السويديون من الأطفال المسلمين عن الصوم , وأصبح على سبيل المثال معلمو التربية الرياضية السويديون يسألون عن حكم الاستحمام أو الانغماس في الماء بالنسبة للصائم , باعتبار أنّ الاستحمام ضرورة مدرسيّة عقب ممارسة الرياضة .