حكم القات كما قرره فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي "بالنسبة لحكم القات فقد أدخله (المؤتمر العالمي لمحاربة المسكرات والمخدرات والتدخين) - الذي عقد بالمدينة المنورة وتحت رعاية الجامعة الإسلامية بها، منذ سنوات - ضمن المواد المشمولة بالمنع، وألحقه بالمخدرات والتدخين. ولكن كثيرًا من إخواننا من مشايخ اليمن وقضاته، اعترضوا على قرار المؤتمر الذي صدر بالإجماع، واعتبروا أن المؤتمرين لم يعرفوا حقيقة القات، وأنهم غالوا في حكمهم، وشددوا في أمر لم يرد بالمنع منه كتاب ولا سنة، وقد ظل أهل اليمن يستعملونه من قرون، وفيهم العلماء والفقهاء والصالحون ولا زالوا يستعملونه إلى اليوم. وممن تصدى لذلك صديقنا العالم الغيور القاضي يحيي بن لطف الفسيل ، الذي أصدر في ذلك رسالة سماها : " دحض الشبهات حول القات " ضمنها المعاني التي أشرنا إليها، وأنكر فيها أن يكون في القات أي شبه بالمخدرات، كما نفى أن يكون فيه أي ضرر مما يذكره المشددون فيه، إلا أن يكون ذلك شيئًا خاصًا ببعض الناس فيقصر المنع عليهم، كما لو كان هناك شخص يضره تناول العسل، وكذلك الإسراف يختص ببعض الناس دون بعض.
و من خلال المشاهدة والسماع أن للقات الآثار التالية : 1-أنه غالى الثمن جدًا، وهذا داخل في الإسراف بيقين، إن لم يكن داخلا في التبذير وإضاعة المال فيما لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة. وإذا كان الأكثرون اعتبروا تدخين السجائر أو " التنباك " كما يسميه بعضهم، أو " التتن " كما يسميه الآخرون من باب الإسراف المحظور، فإن أكل القات يدخل فيه من باب أولى. 2-أنه مضيع لأوقات آكليه، أو ماضغيه، فهم يقضون في ذلك كل يوم مدة تمتد من بعد الظهر إلى المغرب، وهى فترة (التخزين) كما يسمونها هناك . فماضغ القات (يخزنه) في فمه، ويتلذذ به . ويهمل كل شيء في هذا الموقف، وهو ليس بالقليل، والوقت رأس مال الإنسان، فإذا ضيعه بهذه الصورة، فقد غبن نفسه، ولم يستثمر حياته كما ينبغي للمسلم. وإذا نُظِر إليه على مستوى الشعب فهو خسارة عامة فادحة، وضرر مؤكد على الإنتاج والتنمية، وتعطيل لطاقات المجتمع بغير موجب. وهذا الضرر ملموس ومشهود، ولا ينازع فيه أحد، وقد انتشر بين الإخوة في اليمن هذه الحكمة : أول آفات القات تضييع الأوقات ! 3-يؤكد المهتمين بالقات في اليمن أن نحو 30% ثلاثين في المائة من أرض اليمن مزروعة بالقات، وهى من أخصب الأراضي وأنفعها، في حين أن اليمن تستورد القمح وغيره من الأقوات والخضروات. ولا ريب أن هذه خسارة اقتصادية جسيمة على الشعب اليمنى . لا أظن أحدًا ممن يحرصون على خير هذا البلد ومستقبله يكابر فيها. 4-أهل اليمن مختلفون فيما بينهم في شأن تأثير القات وأضراره الجسمية والنفسية، فكثير منهم ينفي أن له ضررًا، وبعضهم يزعم أن ضرره خفيف بالنسبة لمنافعه، ومن المؤكد أن المبتلى به يصعب أن يقول غير ذلك . فهو غير محايد في حكمه وشهادته. ولكن هناك كثيرًا من المنصفين أكدوا ما يصحبه من أضرار متنوعة، وما يدعى من وجود نفع فيه، فلا أثر له، فإن إثمه أكبر من نفعه، وقد ذكر بعض الأطباء أنه وسيلة من وسائل نقل الأمراض . وأن له آثارًا صحية سيئة. ومن العلماء اليمنيين الذين صدعوا بالحق في هذه القضية، ونبهوا على أضرار القات وآفاته : العلامة المصلح الشيخ محمد سالم البيحاني، فقد ذكر في كتابه (إصلاح المجتمع) في شرح حديث نبوي عن الخمر والمسكرات قوله : (وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة، وإن لم يكونا من المسكر، فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر، لما فيهما من ضياع المال، وذهاب الأوقات، والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة، وكثير من الواجبات المهمة ؛ ولقائل أن يقول : هذا شيء سكت الله عنه، ولم يثبت على تحريمه والامتناع منه أي دليل، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، وقد قال جل ذكره : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا " (البقرة : 29) . وقال تعالى : " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير " (الأنعام : 145).الآية. وصواب ما يقول هذا المدافع عن القات والتنباك، ولكنه مغالط في الأدلة، ومتغافل عن العمومات الدالة على وجوب الاحتفاظ بالمصالح، وحرمة الخبائث، والوقوع في شيء من المفاسد، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية ؛ فيحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شهية الأكل، ويدر السلاس - وهو الودي - وربما أهلك الصلب، وأضعف المنى، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالبًا يخرجون ضعاف البنية، صغار الأجسام، قصار القامة، قليلا دمهم، مصابين بعدة أمراض خبيثة. وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الأثمان المحتاج إليها، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة وتربية أولادهم، أو تصدقوا بها في سبيل الله لكان خيرًا لهم، وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشجر، ويفرون أعراض الغائبين، ويخوضون في كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم،
تؤدي المواد الكيميائية في القات إلى زيادة ضربات القلب وتضيق في الأوعية الدموية مما يرفع ضغط الدم عند المصابين به ,ويجعل من الصعب على أدوية ضغط الدم أن تعمل على خفض الضغط ... أما تأثير القات العصبي والنفسي فإن متعاطيه يكون حاد الطبع والعصبية بعد إنقضاء فترة النشاط الكاذب ,كما يميل المتعاطي للكسل الذهني بعد ساعات من تناول هذه المادة ,وسرعان مايبدأ الشعور بالقلق المصحوب بالاكتئاب والنوم المتقطع .
يقول الدكتور صلاح الدين أحمد عثمان أستاذ ورئيس قسم الكيمياء والنبات بجامعة الملك فيصل في بحثه "التصنيف الكيميائي للمسكرات والمخدرات وتأثيرها البيوكيميائي" صفحة 21 "المخدرات الطبيعية هي مجموعة من المركبات بعضها عبارة عن قلويات طبيعية في ثمرة الخشخاش أو القنب الهندي أو أوراق القات.. إلى أن يقول: "وينتج عن تعاطي هذه المخدرات تغييرات سلوكية للأفراد تظهر في صورة انتعاش ظاهري مع بلادة فكرية، وكذلك الشعور بالخوف والميل إلى النعاس.. وعن تأثيره يقول: يشابه تأثير الحشيش حيث يؤدي إلى الخمول الجسدي والبلادة الفكرية، وعدم القدرة على التصرف.. يحول الشخص إلى فرد غير منتج وبليد ومتحجر وخامل، حيث يؤثر على المجتمع محوّلاً إياه إلى مجتمع مستكين". وفي هذه الفقرة تفسير دقيق لما يريده الدكتور الدمرداش (بعدم الشعور بالتعب والشعور بالنشاط) على أنه حالة ظاهرية فقط بدليل كون القات مؤديا إلى فقدان الشهية ومضعفا للجسم عن مقاومة الأمراض.. وهو بذلك يشارك المخدرات الأخرى في تغيير السلوك وإيهام الضحية بالنشاط الكاذب.. هذا مع اتفاق هؤلاء الفضلاء جميعا على اعتبار القات من زمرة المخدرات. وبناء على هذه المعلومات الحاسمة صدر قرار (المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات) بشأن القات في التوصية التاسعة عشرة كما يلي: " يقرر المؤتمر بعد استعراضه ما قدم إليه من بحوث حول أضرار القات الصحية والنفسية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية أنه من المخدرات المحرمة شرعا ولذلك فإنه يوصي الدول الإسلامية بتطبيق العقوبة الإسلامية الشرعية الرادعة على من يزرع أ و يروج أو يتناول هذا النبات الخبيث…".