ذهب فكري برهة يوم أمس وأنا أشاهد هطول الأمطار ورحتُ أقلب شريط ذكرياتي للحظات ٍ مماثلة عشتها في قريتنا فانطبعت في مخيلتي بما فيها من طقوس وجمال عشته بجوار جدتي أطال الله عمرها .
فالمطر عند جدتي له أجواءٌ خاصة فلحظات المطر عندها هي لحظات إيمان وتأمل ودعاء ، شفتاها تلهج بالثناء والدعاء طيلة وقت المطر طمعاً وأملاً بما سيجود به من عنده خزائن ُ كل شيئ .
جدتي وفي فترة نزول المطر لا يقر ّ لها قرار تتحرك في كل مكان تحاول أن تحيط جميع الجبال بنظراتها لتنظر الى أي مدى وصل المطر تتنقل من نافذة لأخرى فعشق الأرض وحب الزرع قد أدمنته منذ صغرها - حسب ما تحكيه لي - ولكن إتجاه اللكمتين حيث توجد الهيجة غالبا ما يكون له النصيب الأوفر من اهتمامات جدتي والتي تكون في هذا الوقت منشغلة بالمطر توليه كل تفكيرها إن هبت ريح في وقت المطر خافت على الزرع فتلهج بالدعاء " اللهم كُفَّ الريح & وما أنزلته مليح " مجموعة من الدعوات المسجوعة المتوارثة التي أسمعها من جدتي في هذه اللحظات الإيمانية ، وإن نزل مع المطر البرد فهناك أيضا الدعاء الذي تردده جدتي :"اللهم كُفّ البرد & عن هذا البلد يامن لم يلد ولم يولد " بجانب هذه الدعوات التي أعدتها جدتي عند أي طارئ فإن هناك أيظا طقوسا ًخاصة فقد تضع جدتي "الحجنة " في باب البيت لعل ّ هذه الحجنة أن تستقبل الصواعق وترسلها للأرض ولكم نظرت اليها وجهها يتهلل فرحا وبشرى ولسانها يثني على المولى عزّ وجل " الحمد لله ، قالدنيا سماء وماء "، لكن قد أغضبها إن أشرت بإصبعي تجاه المطر الغزير أو السحاب ولا أعلم تبريرا لذلك سوى أنها "حاجة في نفس جدتي "ألم أقل لكم انها طقوسا مختلفة ورائعه ، وقد أسمع جدتي تردد كلمات الآذان بصوت مسموع لو اشتد المطر لئلا تكون سُقيا عذاب ٍ وغرق .
كم أشتاق وأحن ّ لتلك اللحظات بجوار جدتي التي أعتبرها مدرسة ً في كل ّ شيئ فكلّما مرت عليها السنين كلّما ازدادت حكمة ً ورزانة .
هذا بعض ما تذكرته من طقوس المطر بجوار جدتي وأتمنى أن يكتب كل من عايش مثل هذه الأجواء عن الطقوس المماثله رغم معرفتي بأنه ليس لديكم جدة ً كـ"زبيبة محمود" .