( بسم الله الرحمن الرحيم )
يحكى أن تاجرا ذهب إلى بغداد بقافلة من أحسن أنواع الخمر النسائية وانواع المطرزات وباع كل شيء معه إلا اللون الأسود من الخمر النسائية كسد ولم يبع منه شيئا فاحتار في أمره ، وقعد حائرا فمر به درويش من دراويش بغداد يقال له بهلول ، فرآه في حيرته تلك ، وسأله ما الذي أهمه وما الذي يشغل باله وهو في بغداد خاصرة العواصم ، فشرح له ما أهمه ، فقال له أبشر بالفرج
وذهب البهلول وأطلق من حتجرته موالا جعل قلوب النساء يتمنين أن يلبسن الخمار الأسود ، وكان مما جاء على لسان البهلول
قل للمليحة في الخمار الأسودِ
ما فعلت لناسكٍ متعبدِ
قد كان شمر للصلاة ثيابهُ
فراى تبخترك جوار المسجدِ
فسلبت منه دينه ويقينهُ
وتركته في حيرةٍ لا يقتدي
فإذا بنساء المدينة يتقاطرن زرافات ووحدانا نحو ذلك التاجر واشترين منه كل ما معه من الخمر السود حتى تمنى لو كانت كل بضاعته خُمُر سوداء !!
ولله در شاعرنا المعاصر الذي ابهر الألباب بقصائده وبفصاحته وبروائعه التي جعلت منه شاعر زمننا هذا ، إنه الشاعر المصري أحمد بخيت ، فلقد عارض القصيدة الآنفة الذكر بأبيات تفوقها روعة وجمالا بل وأحالتها صفراً حيث قال :
بيضاء يا وجع الخمار الأسودِ *** سمّرت أقدامي بباب المسجدِ
كم فتنة في الأرض كيف تنزلت *** حور الجنان لناسك متعبدِ
لي موعد في الله كدت أضِيعه *** ليقدّ من قبل قميص المهتدِي
سكِر الهوى حولِي وأسكني الهوى *** فوقفت لا قدمي عرفت ولا يدي
ماست خطاك فمسّني ما مسّني *** لو لا تقاي لقلت جئت لتعبدي
جرّي العباءة فالقلوب أساور’ *** وعيوننا فب الجيد عقد زمردِ
والنّاس إما ملهم أو حاسد *** ولقد خلقت لتلهمي ولتحسدي
رفقا ًبأهل الأرض رفقا ً بالسّما *** بتنهّدِ النجماتِ إن تتنهّدي
رفقا بنفسكِ بالجمال متوّجا ً*** بأنوثة فيها نضلّ ونهتدي
مستعصم قلبي بحبّ محمّدٍ *** لا تفتنيه بحقّ ربّ محمدِ